البارحة ذكرى وفاة الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله تعالى

]رحيل الوالد



ارتفع أذان المغرب، أمس الثلاثاء الموافق 2/11/2004 م ، في التاسع عشر من رمضان المبارك، متشحاً بالحزن الذي سرعان ما دهم البيوت جميعاً في المشرق العربي كما في المغرب، بل هو تجاوزها الى بيوت كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، بينما تلقت عواصم العالم جميعاً الخبر المتوقع بكثير من الأسف:



(( لقد رحل الشيخ زايد بن سلطان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة. ))



رحل قائد عظيم وخبت شمعة الحكمة ، رحل عنا القائد والمعلم والوالد الحنون وفي كلمتنا حزن وأسى فمصابنا شخصي ومصابنا وطني وفقيدنا والدنا ومؤسس هذا الصرح الشامخ دولة الإمارات".

أن "هذه البقعة الغالية التي نتشرف بالانتماء إليها هي دار زايد وإحدى أهم التجارب الوحدوية في العالم العربي إن لم تكن أهمها، بناها زايد بن سلطان بساعده وبعرقه وبجده وأرسى دعائمها بحكمته وببصيرته.



رحل عن دنيانا القائد العربي والإسلامي المحب لأمته المخلص لقضاياها.. المتفاني في تبني تطلعاتها والعامل في سبيل كل ما من شأنه النهوض بأوضاعها والإعلاء من شأنها حكيم العرب سمو الشيخ زايد بن سلطان.



رحل الشيخ الكبير والأمة أحوج ماتكون إلى حكمته وبصيرته النافذة التي تساعدها على مواجهة الأنواء والحنكة في قيادة دفة السفينة وسط أمواج المتغيرات العالمية المتلاطمة والبلوغ بها وبالأمة إلى شاطئ وبر الأمان.
والأمة أيضاً أحوج ماتكون إلى هذا القائد والرمز الوحدوي في هذا الزمن الرديء.. زمن التمزق والشتات السياسي والاجتماعي ومؤامرات الفتنة الدينية والصراعات العرقية التي تمكنت من النفاذ إلى قلب البعض من مجتمعاتنا وتعد العدة لاقتحام البعض الآخر.



رحل الشيخ زايد آل نهيان مرتاح البال مطمئناً على سلامة الدولة ومؤسساتها بعد ان حقق العيش الرغيد لشعبه الوفي الذي يعيش في دولة تتحصن داخل هيكل سياسي واقتصادي واجتماعي متين.



رحل الشيخ الذي حول بلاده من صحراء قاحلة إلى واحة وأرض وارفة الظلال.



رحل الفقيد العربي الكبير حاملاً روح الفارس الشهم وجسد المحب الصادق.. فهو الذي لم يعرف الحقد او الكراهية طريقاً الى فؤاده ووجدانه، وظل صاحب نخوة ملتزماً بثوابته العربية.



رحل القائد الذي حاول جاهداً تحقيق التقدم والنهضة والعزة لأمته العربية والإسلامية متسلحاً بإيمانه المطلق بالوحدة سبيلاً لتحقيق ذلك.



رحل الشيخ زايد بن سلطان أل نهيان والعلم العربي في أسوإ حالاته. فالأفق مسدود أمام القضية الفلسطينية، وذلك منذ وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون إلى الحكم، إضافة إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش، الذي أسقط منذ وصوله إلى البيت الأبيض هذه القضية من دائرة اهتماماته، تاركا حرية التصرف لشارون الذي ألغى كل الاستحقاقات المتوجّـبة على إسرائيل بمقتضى اتفاقيات موقعة سلفا.

لقد كان الشيخ زايدرحمه الله من أكثر المساعدين ماديا للفلسطينيين، وهو ما قد يعتبر أضعف الايمان في وقت داب فيه العرب على التفرج بصمت عما يُـقترف من جرائم في حق الشعب الفلسطيني، ويحجم عن التدخل.



رحل الشيخ زايد، والعراق يرزح تحت الاستعمار الأمريكي البريطاني، ويموت أبناؤه بالعشرات يوميا تقريبا، ليضيف الاحتلال مأساة جديدة إلى مأساته المتواصلة منذ قرر النظام السابق في 2 أغسطس عام 1990 احتلال الكويت ليفرض على البلاد منذ ذلك الحين حظرا دوليا جعلها تتقهقر عقودا على كافة المستويات.

وقد دعا الشيخ زايد في أكثر من مناسبة إلى رفع هذا الحظر عن العراق، كما أنه اقترح على رأس النظام السابق الرحيل عن البلاد لتجنيبها الحرب .



أن رحيل صاحب السمو الشيخ زايد صدمة وخسارة كبيرة لدولة الامارات والأمة العربية والاسلامية والانسانية كلها، خصوصاً انه زعيم أعطى أمته وقدم من أجلها الكثير فأحبه شعبه وبادله العطاء.وقد توالت ردود الفعل الرسمية والشعبية الحزينة من كافة امارات الدولة لفقدان القائد والزعيم.



هكذا اذن غيب الموت علينا أعظم قائد عرفته الإمارات منذ بزوغها هكذا اذن رحل عنا في عز العطاء.
أنشبت المنية أظافرها وغيب الموت الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة وبفقده فقدت الأمة العربية احد ابرز حكمائها وفرسانها ورموزها الذي ظل طوال تاريخه مجمعاً عليه يمد يده بالخير

ومستمسكا بدعوته بالوحدة وعاملا من اجلها من المحيط الى الخليج .



خبر رحيله نزل مثل الصاعقة على المواطنين والمقيمين في الإمارات من الأجانب على حدّ سواء.
وخيّـمت أجواء الحزن على الامارات، وتوقفت الحياة في البلاد، وتعطّـلت المؤسسات الحكومية والخاصة، فيما ردّدت مكبّـرات الصوت من المساجد الآيات القرآنية في مختلف إمارات الدولة التي نعت فقدان مؤسسها وباني نهضتها، وقائدها العام، وفي كلمة "الوالد".
ولهذه الالقاب وغيرها التي كان يُـلقب بها الشيخ زايد ما يفسرها في المسيرة التنموية لدولة الامارات العربية المتحدة، والتي أصبحت في عقود ثلاث مثالا يحتذى سواء في محيطها الإقليمي او العربي .[/b]